سورة البقرة - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فأزلهما} قال: فأغواهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن بهدلة {فأزلهما} فنحاهما.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءتنا في البقرة مكان {فأزلهما} فوسوس.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: لما قال الله لآدم {اسكن أنت وزوجك الجنة} أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة فأتى الحية، وهي دابة لها أربع قوائم كأنها البعير، وهي كأحسن الدواب فكلمها أن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم، فادخلته في فمها فمرت الحية على الخزنة، فدخلت ولا يعلمون لما أراد الله من الأمر، فكلمه من فمها فلم يبال بكلامه، فخرج إليه فقال: {يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} وحلف لهما بالله {إني لكما لمن الناصحين} فأبى آدم أن يأكل منها، فقعدت حواء فأكلت ثم قالت: يا آدم كل فإني قد أكلت فلم يضر بي. فلما أكل {بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن عباس قال: إن عدوّ الله إبليس عرض نفسه على دواب الأرض أنها تحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم. فكل الدواب أبى ذلك عليه حتى كلم الحية فقال لها: أمنعك من ابن آدم فإنك في ذمتي إن أدخلتني الجنة، فحملته بين نابين حتى دخلت به، فكلمه من فيها وكانت كاسية تمشي على أربع قوائم فاعراها الله، وجعلها تمشي على بطنها. يقول ابن عباس: فاقتلوها حيث وجدتموها، اخفروا ذمة عدوّ الله فيها.
وأخرج سفيان بن عيينة وعبد الرزاق وابن المنذر وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة، فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما. وكان الذي دارى عنهما من سوآتهما أظفارهما {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} [ الاعراف: 22] ورق التين يلزقان بعضه إلى بعض، فانطلق آدم مولياً في الجنة، فأخذت برأسه شجرة من شجر الجنة، فناداه ربه: يا آدم تفر؟ قال: لا، ولكني استحيتك يا رب قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك؟ قال: بلى يا رب ولكن وعزتك ما حسبت أن أحداً يحلف بك كاذباً قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كدا. فاهبطا من الجنة وكانا يأكلان منها رغداً، فاهبط إلى غير رغد من طعام ولا شراب، فعلم صنعة الحديد، وأمر بالحرث فحرث وزرع، ثم سقى حتى إذا بلغ حصد، ثم درسه، ثم ذراه، ثم طحنه، ثم عجنه، ثم خبزه، ثم أكله، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ، وكان آدم حين أهبط من الجنة بكى بكاء لم يبكه أحد، فلو وضع بكاء داود على خطيئته، وبكاء يعقوب على ابنه، وبكاء ابن آدم على أخيه حين قتله، ثم بكاء أهل الأرض ما عدل ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط.
وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن عميرة قال: «قال الله لآدم اخرج من جواري وعزتي لا يجاورني في داري من عصاني، يا جبريل أخرجه اخراجاً غير عنيف. فأخذ بيده يخرجه».
وأخرج ابن إسحاق في المبتدأ وابن سعد وأحمد وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في التوبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن آدم كان رجلاً طوالاً كأنه نخلة سحوق ستين ذراعاً، كثير شعر الرأس. فلما ركب الخطيئة بدت له عورته، وكان لا يراها قبل ذلك، فانطلق هارباً في الجنة، فتعلقت به شجرة فأخذت بناصيته فقال لها: ارسليني قالت: لست بمرسلتك، وناداه ربه: يا آدم أمني تفر؟ قال: يا رب إني استحييتك قال: يا آدم اخرج من جواري فبعزتي لا أساكن من عصاني، ولو خلقت ملء الأرض مثلك خلقاً ثم عصوني لاسكنتهم دار العاصين. قال: أرأيت إن أنا تبت ورجعت أتتوب عليَّ؟ قال: نعم. يا آدم».
وأخرج ابن عساكر من حديث أنس. مثله.
وأخرج ابن منيع وابن أبي الدنيا في كتاب البكاء وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ابن عباس قال: «قال الله لآدم: يا آدم ما حملك على أن أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ قال: يا رب زينته لي حواء قال: فإني عاقبتها بأن لا تحمل إلا كرهاً ولا تضع إلا كرهاً، ودميتها في كل شهر مرتين قال: فرنت حواء عند ذلك فقيل لها: عليك الرنة وعلى بناتك».
وأخرج الدارقطني في الافراد وابن عساكر عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله بعث جبريل إلى حواء حين دميت فنادت ربها جاء مني دم لا أعرفه. فناداها لأدمينك وذريتك، ولأجعلنه لك كفارة وطهوراً».
وأخرج البخاري والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا بنو اسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها».
وأخرج البيهقي في الدلائل والخطيب في التاريخ والديلمي في مسند الفردوس وابن عساكر بسندٍ واهٍ عن ابن عمر مرفوعاً: «فضلت على آدم بخصلتين: كان شيطاني كافراً فأعانني الله عليه حتى أسلم، وكان أزواجي عوناً لي. وكان شيطان آدم كافراً، وزوجته عوناً له على خطيئته».
وأخرج ابن عساكر في حديث أبي هريرة مرفوعاً. مثله.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن زيد. أن آدم ذكر محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أفضل ما فضل به علي ابني صاحب البعير أن زوجته كانت عوناً له على دينه، وكانت زوجتي عوناً لي على الخطيئة.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى، فقال: موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي أعطاه الله كل شيء، واصطفاه برسالته؟ قال: نعم. قال: فتلومني على أمر قدر عليّ قبل أن أخلق».
وأخرج عبد بن حميد في مسنده وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى. فقال موسى: أنت خلقك الله بيده، أسكنك جنته، وأسند لك ملائكته، فأخرجت ذريتك من الجنة، وأشقيتهم؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه ورسالاته، تلومني في شيء وجدته قد قدر عليّ قبل أن أخلق؟ فحج آدم موسى».
وأخرج أبو داود والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمر بن الخطاب قال «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن موسى قال يا رب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة؟ فأراه الله آدم فقال: أنت أبونا آدم؟ فقال له آدم: نعم. قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها، وأمر الملائكة فسجدوا لك؟ قال: نعم. فقال: ما حملك على أن أخرجتنا من الجنة؟ فقال له آدم: ومن أنت؟ قال: موسى قال: أنت نبي بني اسرائيل الذي كلمك الله من وراء الحجاب، لم يجعل بينك وبينه رسولاً من خلقه؟ قال: نعم. قال: فما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق؟ قال: نعم. قال: فلم تلومني في شيء سبق فيه من الله القضاء قبل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عند ذلك فحج آدم موسى. فحج آدم موسى».
وأخرج النسائي وأبو يعلي والطبراني والآجري عن جندب البجلي قال «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتج آدم وموسى فقال موسى: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك جنته، وفعلت ما فعلت فأخرجت ولدك من الجنة؟ فقال آدم: أنت موسى الذي بعثك الله برسالته، وكلمك، وآتاك التوراة، وقربك نجيا؟ أنا أقدم أم الذكر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى».
وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي موسى قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتج آدم وموسى فقال موسى: يا آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، عملت الخطيئة التي أخرجتك من الجنة؟ قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وأنزل عليك التوراة، وكلمك تكليماً، فبكم خطيئتي سبقت خلقي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى».
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن ابن عمر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التقى آدم وموسى عليهما السلام فقال له موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وأدخلك جنته، ثم أخرجتنا منها؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وقربك نجيا، وأنزل عليك التوراة، فأسألك بالذي أعطاك ذلك بكم تجده كتب عليّ قبل أن أخلق؟ قال: أجده كتب عليك بالتوراة بألفي عام فحج آدم موسى».
أما قوله تعالى: {وقلنا اهبطوا} الآية.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ} قال: آدم وحوّاء، وإبليس والحية {ولكم في الأرض مستقر} قال: القبور {ومتاع إلى حين} قال: الحياة.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ} قال: آدم، والحية والشيطان.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة عن أبي صالح قال: {اهبطو} قال: آدم، وحوّاء، والحية.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: {اهبطوا} يعني آدم، وحوّاء، وإبليس.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيات؟ فقال: خلقت هي والإِنسان كل واحد منهما عدوّ لصاحبه. إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته. فاقتلها حيث وجدتها».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله: {ولكم في الأرض مستقر} فوق الأرض، ومستقر تحت الأرض. قال: {ومتاع إلى حين} حتى يصير إلى الجنة، أو إلى النار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أهبط آدم إلى أرض يقال لها دجنا، بين مكة والطائف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: اهبط آدم بالصفا، وحوّاء بالمروة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس. إن أوّل ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند. وفي لفظ بدجناء أرض الهند.
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في البعث وابن عساكر عن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: أطيب ريح الأرض الهند. أهبط بها آدم فعلق ريحها من شجر الجنة.
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس قال: أهبط آدم بالهند وحوّاء بجدة، فجاء في طلبها حتى أتى جمعا، فازدلفت إليه حوّاء. فلذلك سميت «المزدلفة» واجتمعا بحمع فلذلك سميت «جمعا».
وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن أبي سلمة قال: أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئاً رأسه، وأهبط إبليس مشبكاً بين أصابعه رافعاً رأسه إلى السماء.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حميد بن هلال قال: إنما كره التخصر في الصلاة لأن إبليس أهبط متخصراً.
وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن أبي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزل آدم عليه السلام بالهند فاستوحش، فنزل جبريل فنادى بالأذان: الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمداً رسول الله مرتين. فقال: ومن محمد هذا؟ قال: هذا آخر ولدك من الأنبياء».
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن المنذر وابن عساكر عن جابر بن عبدالله قال: إن آدم لما أهبط إلى الأرض، هبط بالهند وإن رأسه كان ينال السماء، وإن الأرض شكت إلى ربها ثقل آدم، فوضع الجبار تعالى يده على رأسه، فانحط منه سبعون ذراعاً، وهبط معه بالعجوة، والاترنج، والموز، فلما أهبط قال: رب هذا العبد الذي جعلت بيني وبينه عداوة، إن لم تعني عليه لا أقوى عليه، قال: لا يولد لك ولد إلا وكلت به ملكاً قال: رب زدني قال: أجازي بالسيئة السيئة، وبالحسنة عشر أمثالها إلى ما أزيد قال: رب زدني قال: باب التوبة له مفتوح ما دام الروح في الجسد قال إبليس: يا رب هذا العبد الذي أكرمته إن لم تعني عليه لا أقوى عليه قال: لا يولد له ولد إلا ولد لك ولد قال: يا رب زدني قال: تجري منه مجرى الدم، وتتخذ في صدورهم بيوتاً قال: رب زدني قال: {أجلب عليهم بخيلك ورجلك، وشاركهم في الأموال والأولاد} [ الإِسراء: 64].
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: لما خلق الله آدم كان رأسه يمس السماء، فوطاه الله إلى الأرض حتى صار ستين ذراعاً في سبع أذرع عرضاً.
وأخرج الطبراني عن عبدالله بن عمر قال: لما أهبط الله آدم بأرض الهند ومعه غرس من شجر الجنة فغرسه بها، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، وكان يسمع كلام الملائكة فكان ذلك يهوّن عليه وحدته، فغمز غمزة فتطأطأ إلى سبعين ذراعاً، فأنزل الله إني منزل عليك بيتاً يطاف حوله كما تطوف الملائكة حول عرشي، ويصلي عنده كما تصلي الملائكة حول عرشي. فأقبل نحو البيت، فكان موضع كل قدم قرية، وما بين قدميه مفازة، حتى قدم مكة فدخل من باب الصفا، وطاف بالبيت، وصلّى عنده، ثم خرج إلى الشام فمات بها.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد قال: لما أهبط آدم إلى الأرض فزعت الوحوش ومن في الأرض من طوله، فأطر منه سبعون ذراعاً.
وأخرج ابن جرير في تاريخه والبيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر عن ابن عباس قال: إن آدم حين خرج من الجنة كان لا يمر بشيء إلا عنت به فقيل للملائكة: دعوه فليتزوّد منها ما شاء. فنزل حين نزل بالهند، ولقد حج منها أربعين حجة على رجليه.
وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رباح قال: هبط آدم بأرض الهند ومعه أعواد أربعة من أعواد الجنة، وهي هذه التي تتطيب بها الناس، وأنه حج هذا البيت على بقرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال: أخرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة، فأخرج معه غصناً من شجر الجنة على رأسه تاج من شجر الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن الحسن قال: أهبط آدم بالهند، وهبطت حوّاء بجدة، وهبط إبليس بدست بيسان من البصرة على أميال، وهبطت الحية باصبهان.
وأخرج ابن جرير في تاريخه عن ابن عمر قال: إن الله أوحى إلى آدم وهو ببلاد الهند أن حج هذا البيت فحج، فكان كلما وضع قدمه صار قرية، وما بين خطوتيه مفازة، حتى انتهى إلى البيت، فطاف به، وقضى المناسك كلها، ثم أراد الرجوع، فمضى حتى إذا كان بالمازمين تلقته الملائكة فقالت: برَّ حجك يا آدم، فدخله من ذلك... فلما رأت ذلك الملائكة منه قالت: يا آدم إنا قد حججنا هذا قبلك قبل أن تخلق بألفي سنة. فتقاصرت إليه نفسه.
وأخرج الشافعي في الأم والبيهقي في الدلائل والأصبهاني في الترغيب عن محمد بن كعب القرظي قال: حج آدم عليه السلام، فلقيته الملائكة فقالوا: برَّ نُسكك يا آدم لقد حججنا قبلك بألفي عام.
وأخرج الخطيب في التاريخ بسند فيه من لا يعرف عن يحيى بن أكثم أنه قال في مجلس الواثق: من حلق رأس آدم حين حج؟ فتعايا الفقهاء عن الجواب فقال الواثق: أنا أحضر من ينبئكم بالخبر. فبعث إلى علي بن محمد بن جعفر بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسأله...؛ فقال: حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن جده قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة فهبط بها، فمسح بها رأس آدم، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرماً».
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لما أخرج آدم من الجنة زوّده من ثمار الجنة، وعلمه صنعة كل شيء. فثماركم من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي موسى الأشعري موقوفاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أهبط آدم بثلاثين صنفاً من فاكهة الجنة، منها ما يؤكل داخله وخارجه، ومنا ما يؤكل داخله ويطرح خارجه، ومنها ما يؤكل خارجه ويطرح داخله.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء عن علي بن أبي طلحة قال: أول شيء أكله آدم حين أهبط إلى الأرض الكمثرى، وإنه لما أراد أن يتغوّط أخذه من ذلك كما يأخذ المرأة عند الولادة، فذهب شرقاً وغرباً لا يدري كيف يصنع! حتى نزل إليه جبريل فأقعى آدم، فخرج ذلك منه، فلما وجد ريحه مكث يبكي سبعين سنة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ثلاثة أشياء أنزلت مع آدم: السندان، والكلبتان، والمطرقة.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر في التاريخ بسند ضعيف عن سلمان قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن آدم أهبط إلى الأرض ومعه السندان، والكلبتان، والمطرقة، واهبطت حواء بجدة».
وأخرج ابن عساكر من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهباً ولا فضة، فلما أن أهبط آدم وحواء أنزل معهما ذهباً وفضة، فسلكه ينابيع في الأرض منفعة لأولادهما من بعدهما، وجعل ذلك صداق آدم لحواء. فلا ينبغي لأحد أن يتزوّج إلا بصداق».
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: لما أهبط الله آدم أهبطه بأشياء ثمانية: أزواج من الإِبل، والبقر، والضأن، والمعز، وأهبطه بباسنة فيها بذر، وتعريشة عنبة، وريحانة، والباسنة: قيل: إنها آلات الصناع، وقيل هي سكة الحرث وليس بعربي محض.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن السري بن يحيى قال: اهبط آدم من الجنة ومعه البذور، فوضع إبليس عليها يده، فما أصاب يده ذهبت منفعته.
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أنس قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هبط آدم وحواء عريانين جميعاً، عليهما ورق الجنة، فأصابه الحر حتى قَعَدَ يبكي ويقول لها: يا حواء قد آذاني الحر، فجاءه جبريل بقطن، وأمرها أن تغزل وعلمها، وعلم آدم وأمر آدم بالحياكة وعلمه، وكان لم يجامع امرأته في الجنة حتى هبط منها، وكان كل منهما ينام على حدة حتى جاءه جبريل فأمره أن يأتي أهله وعلمه كيف يأتيها، فلما أتاها جاءه جبريل فقال: كيف وجدت امرأتك؟ قال: صالحة».
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعاً: «أول من حاك آدم عليه السلام».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: كان آدم عليه السلام حراثاً، وكان إدريس خياطاً، وكان نوح نجاراً، وكان هود تاجراً، وكان إبراهيم راعياً، وكان داود زراداً، وكان سليمان خوّاصاً، وكان موسى أجيراً، وكان عيسى سياحاً، وكان محمد صلى الله عليه وسلم شجاعاً جعل رزقه تحت رمحه.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل عنده: أدن مني أحدثك عن الأنبياء المذكورين في كتاب الله. أحدثك عن آدم كان حراثاً، وعن نوح كان نجاراً، وعن إدريس كان خياطاً، وعن داود كان زراداً، وعن موسى كان راعياً، وعن إبراهيم كان زراعاً عظيم الضيافة، وعن شعيب كان راعياً، وعن لوط كان زراعاً، وعن صالح كان تاجراً، وعن سليمان كان ولي الملك، ويصوم من السهر ستّة أيام في أوله، وثلاثة في وسطه، وثلاثة في آخره، وكان له تسعمائة سرية، وثلاثمائة مهرية، وأحدثك عن ابن العذراء البتول عيسى. إنه كان لا يخبىء شيئاً لغد، ويقول: الذي غداني سوف يعشيني والذي غشاني سوف يغدّيني، يعبد الله ليلته كلها، وهو بالنهار يسبح ويصوم الدهر ويقوم الليل كله.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس قال: نزل آدم بالحجر الأسود من الجنة يمسح به دموعه، ولم ترق دموع آدم من حين خرج من الجنة حتى رجع إليها.
وأخرج أبو الشيخ عن جابر بن عبدالله قال: إن آدم لما أهبط إلى الأرض شكا إلى ربه الوحشة، فأوحى الله إليه: أن انظر بحيال بيتي الذي رأيت ملائكتي يطوفون به، فاتخذ بيتاً فطف به كما رأيت ملائكتي يطوفون به. فكان ما بين يديه مفاوز، وما بين قدميه الأنهار والعيون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: نزل آدم بالهند، فنبتت شجرة الطيب.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال: خرج آدم من الجنة بين الصلاتين: صلاه الظهر: وصلاة العصر، فأنزل إلى الأرض. وكان مكثه في الجنة نصف يوم من أيام الآخرة، وهو خمسمائة سنة من يوم كان مقداره اثنتي عشرة ساعة، واليوم ألف سنة مما يعد أهل الدنيا. فأهبط آدم على جبل بالهند يقال له نود، وأُهْبِطَت حواء بجدة، فنزل آدم معه ريح الجنة، فعلق بشجرها وأوديتها، فامتلأ ما هنالك طيباً، ثم يؤتى بالطيب من ريح آدم وقالوا: أنزل عليه من طيب الجنة أيضاً، وأنزل معه الحجر الأسود، وكان أشد بياضاً من الثلج، وعصا موسى وكانت من آس الجنة. طولها عشرة أذرع على طول موسى. ومر ولبان. ثم أنزل عليه بعد السندان، والكلبة، والمطرقتان، فنظر آدم حين أهبط على الجبل إلى قضيب من حديد نابت على الجبل فقال: هذا من هذا! فجعل يكسر أشجاراً قد عتقت ويبست بالمطرقة، ثم أوقد على ذلك القضيب حتى ذاب، فكان أول شيء ضرب منه مدية، فكان يعمل بها، ثم ضرب التنور وهو الذي ورثه نوح، وهو الذي فار بالهند بالعذاب.
فلما حج آدم عليه السلام وضع الحجر الأسود على أبي قبيس، فكان يضيء لأهل مكة في ليالي الظلم كما يضيء القمر، فلما كان قبيل الإِسلام بأربع سنين، وقد كان الحيض والجنب يعمدون إليه يمسحونه فاسود، فأنزلته قريش من أبي قبيس، وحج آدم من الهند أربعين حجة إلى مكة على رجليه.
وكان آدم حين اهبط يمسح رأسه السماء، فمن ثم صلع وأورث ولده الصلع، ونفرت من طوله دواب البر فصارت وحشاً يومئذ، وكان آدم وهو على ذلك الجبل قائماً يسمع أصوات الملائكة، ويجد ريح الجنة. فهبط من طوله ذلك إلى ستين ذراعاً، فكان ذلك طوله حتى مات، ولم يجمع حسن آدم لأحد من ولده إلا ليوسف عليه السلام، وأنشأ آدم يقول: رب كنت جارك في دارك ليس لي رب غيرك ولا رقيب دونك، آكل فيها رغداً وأسكن حيث أحببت، فأهبطتني إلى هذا الجبل المقدس، فكنت أسمع أصوات الملائكة، وأراهم كيف يحفون بعرشك، وأجد ريح الجنة وطيبها، ثم أهبطتني إلى الأرض وحططتني إلى ستين ذراعاً، فقد انقطع عني الصوت والنظر، وذهب عني ريح الجنة فأجابه الله تبارك وتعالى: لمعصيتك يا آدم فعلت ذلك بك.
فلما رأى عري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشاً من الضأن من الثمانية الأزواج التي أنزل الله من الجنة، فأخذ آدم كبشاً وذبحه، ثم أخذ صوفه فغزلته حواء ونسجته هو، فنسج آدم جبة لنفسه، وجعل لحواء درعاً وخماراً فلبساه، وقد كانا اجتمعا بجمع فسميت «جمعاً» وتعارفا بعرفة فسميت «عرفة» وبكيا عل ما فاتهما مائة سنة، ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوماً، ثم أكلا وشربا وهما يومئذ على نود الجبل الذي أهبط عليه آدم، ولم يقرب حواء مائة سنة.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس. أن آدم كان لغته في الجنة العربية، فلما عصى سلبه الله العربية وتكلم بالسريانية، فلما تاب رد عليه العربية.
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن مجاهد قال: أوحى الله إلى الملكين: أخرجا آدم وحواء من جواري فإنهما عصياني، فالتفت آدم إلى حواء باكياً وقال: استعدي للخروج من جوار الله هذا أول شؤم المعصية، فنزع جبريل التاج عن رأسه، وحل ميكائيل الاكليل عن جبينه، وتعلق به غصن، فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة، فنكس رأسه يقول: العفو العفو فقال الله: فراراً مني؟ فقال: بل حياء منك يا سيدي.
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن عطاء. أن آدم لما أهبط من الجنة خر في موضع البيت ساجداً، فمكث أربعين سنة لا يرفع رأسه.
وأخرج ابن عساكر عن قتادة قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض قيل له: لن تأكل الخبز بالزيت حتى تعمل عملاً مثل الموت.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الملك بن عمير قال: لما أهبط آدم وإبليس، ناح إبليس حتى بكى آدم، ثم حدا ثم ضحك.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال: «بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن آدم قبل أن يصيب الذنب كان أجله بين عينيه وأمله خلفه، فلما أصاب الذنب جعل الله أمله بين عينيه وأجله خلفه، فلا يزال يؤمل حتى يموت».
وأخرج وكيع وأحمد في الزهد عن الحسن قال: كان آدم قبل أن يصيب الخطيئة أجله بين عينيه وأمله وراء ظهره، فلما أصاب الخطيئة حوّل أمله بين عينيه وأجله وراء ظهره.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال: كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده.
وأخرج ابن عساكر عن الحسن. أن آدم لما أهبط إلى الأرض تحرك بطنه فأخذه لذلك غم، فجعل لا يدري كيف يصنع، فأوحى الله إليه: أن اقعد فقعد، فلما قضى حاجته فوجد الريح جزع وبكى وعض على أصبعه، فلم يزل يعض عليها ألف عام.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: بكى آدم حين هبط من الجنة بكاء لم يبكه أحد، فلو أن بكاء جميع بني آدم مع بكاء داود على خطيئته ما عدل بكاء آدم حين أخرج من الجنة، ومكث أربعين سنة لا يرفع رأسه إلى السماء.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإِيمان والخطيب وابن عساكر معاً في التاريخ عن بريدة يرفعه قال: لو أن بكاء داود وبكاء جميع أهل الأرض يعدل بكاء آدم ما عدله. ولفظ البيهقي: لو وزن دموع آدم بجميع دموع ولده لرجحت دموعه على جميع دموع ولده.
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال: بكى آدم على الجنة ثلثمائة سنة.
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال: إن الله لما أهبط آدم وحواء قال: اهبطوا إلى الأرض، فلدوا للموت، وابنوا للخراب.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن مجاهد قال: لما أهبط آدم إلى الأرض قال له ربه عز وجل: ابن للخراب، ولد للفناء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير قال: لما أهبط آدم إلى الأرض كان فيها نسر، وحوت في البحر، ولم يكن في الأرض غيرهما، فلما رأى النسر آدم وكان يأوي إلى الحوت ويبيت عنده كل ليلة قال: يا حوت لقد أهبط اليوم إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش بيده فقال له الحوت: لئن كنت صادقاً ما لي في البحر منه منجى ولا لك في البر.


{فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)}
أخرج الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن عساكر عن عمر بن الخطاب قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أذنب آدم الذنب الذي أذنبه، رفع رأسه إلى السماء فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي؟ فأوحى الله إليه: ومن محمد؟ فقال: تبارك اسمك. لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب» لا إله إلا الله محمد رسول الله «فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك. فأوحى الله إليه: يا آدم انه آخر النبين من ذريتك، ولولا هو ما خلقتك».
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في التوبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال: أي رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى. قال: أي رب ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى. قال: أي رب ألم تسبق إلي رحمتك قبل غضبك؟ قال: بلى. قال: أي رب أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عساكر بسند ضعيف عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما أهبط الله آدم إلى الأرض قام وجاء الكعبة فصلى ركعتين، فألهمه الله هذا الدعاء: اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي. اللهم أسألك إيماناً يباشر قلبي، ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، وأرضني بما قسمت لي، فأوحى الله إليه: يا آدم قد قبلت توبتك، وغفرت ذنبك، ولن يدعوني أحد بهذا الدعاء إلا غفرت له ذنبه، وكفيته المهم من أمره، وزجرت عنه الشيطان، واتجرت له من وراء كل تاجر، وأقبلت إليه الدنيا راغمة وإن لم يردها».
وأخرج الجندي والطبراني وابن عساكر في فضائل مكة عن عائشة قالت: لما أراد الله أن يتوب على آدم أذن له فطاف بالبيت سبعاً والبيت يومئذ ربوة حمراء فلما صلى ركعتين قام استقبل البيت وقال: اللهم إنك تعلم سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي. اللهم إني أسألك إيماناً يباشر قلبي، ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، والرضا بما قسمت لي. فأوحى الله إليه: إني قد غفرت ذنبك، ولن يأتي أحد من ذريتك يدعوني بمثل ما دعوتني إلا غفرت ذنوبه، وكشفت غمومه وهمومه، ونزعت الفقر من بين عينيه، واتجرت له من وراء كل تاجر، وجاءته الدنيا وهي راغمة وإن كان لا يريدها.
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والطبراني في الأوسط والبيهقي في الدعوات وابن عساكر بسند لا بأس به عن بريدة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أهبط الله آدم إلى الأرض طاف بالبيت أسبوعاً، وصلى حذاء البيت ركعتين ثم قال: اللهم أنت تعلم سري وعلانيتي فأقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما عندي فاغفر لي ذنوبي. أسألك إيماناً يباهي قلبي، ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، ورضّني بقضائك. فأوحى الله إليه: يا آدم إنك دعوتني بدعاء فاستجبت لك فيه، ولن يدعوني به أحد من ذريتك إلا استجبت له، وغفرت له ذنبه، وفرجت همه وغمه، واتجرت له من وراء كل تاجر، وأتته الدنيا راغمة وإن كان لا يريدها».
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية عن عبيد بن عمير الليثي قال: قال آدم: يا رب أرأيت ما أتيت أشيء كتبته عليّ قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته على نفسي؟ قال: بلى شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك قال: يا رب فكما كتبته علي فاغفره لي. فذلك قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن قتادة في قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال: ذكر لنا أنه قال: يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت؟ قال: فإني إذن أرجعك إلى الجنة {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [ الأعراف: 23] فاستغفر آدم ربه وتاب إليه فتاب عليه. وأما عدو الله إبليس فوالله ما تنصل من ذنبه، ولا سأل التوبة حين وقع بما وقع به، ولكنه سأل النظرة إلى يوم الدين، فأعطى الله كل واحد منهما ما سأل.
وأخرج الثعلبي من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال: قوله: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال هو قوله: {ربنا ظلمنا أنفسنا...} الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {فتلقلى آدم من ربه كلمات} قال: هو قوله: {ربنا ظلمنا أنفسنا...} الآية. ولو سكت الله عنها لم يخبرنا عنها لتفحص رجال حتى يعلموا ما هي.
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال: هو قوله: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وعن الضحاك. مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن اسحق التميمي قال: قلت لابن عباس ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه؟ قال: علم شأن الحج. فهي الكلمات.
وأخرج عبد بن حميد عن عبدالله بن زيد في قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال: لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك. رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين. لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك. رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين. لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك. رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التوّاب الرحيم.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر عن أنس في قوله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} قال: سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين. لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين. لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التوّاب الرحيم. وذكر أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن شك فيه.
وأخرج هناد في الزهد عن سعيد بن جبير قال: لما أصاب آدم الخطيئة فزع إلى كلمة الاخلاص فقال: لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ربي عملت سوءاً وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التوّاب الرحيم.
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس. إن آدم عليه السلام طلب التوبة مائتي سنة حتى أتاه الله الكلمات، ولقنه إياها قال: بينا آدم عليه السلام جالس يبكي، واضع راحته على جبينه إذ أتاه جبريل فسلم عليه، فبكى آدم وبكى جبريل لبكائه فقال له: يا آدم ما هذه البلية التي أجحف بك بلاؤها وشقاؤها، وما هذا البكاء؟ قال: يا جبريل وكيف لا أبكي وقد حوّلني ربي من ملكوت السموات إلى هوان الأرض، ومن دار المقام إلى دار الظعن والزوال، ومن دار العنة إلى دار البؤس والشقاء، ومن دار الخلد إلى دار الفناء؟ كيف أحصي يا جبريل هذه المصيبة؟ فانطلق جبريل إلى ربه فأخبره بمقالة آدم فقال الله عز وجل: انطلق يا جبريل إلى آدم فقل: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ قال: بلى يا رب قال: ألم أنفخ فيك من روحي؟ قال: بلى يا رب قال: ألم أسجد لك ملائكتي؟ قال: بلى يا رب قال ألم أسكنك جنتي؟ قال: بلى يا رب قال: ألم آمرك فعصيتني؟ قال: بلى يا رب قال: وعزتي وجلالي وارتفاعي في علو مكاني لو ان ملء الأرض رجالاً مثلك ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين، غير أنه يا آدم قد سبقت رحمتي غضبي، قد سمعت صوتك وتضرعك، ورحمت بكاءك، وأقلت عثرتك، فقل: لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت خير الراحمين.
لا إله إلا أنت سبحانك عملت سوءاً وظلمت نفسي. فتب علي إنك أنت التوّاب الرحيم. فذلك {فتلقى آدم من ربّه كلمات...} الآية.
واخرج ابن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: لما أصاب آدم الخطيئة عظم كربه، واشتد ندمه. فجاءه جبريل فقال: يا آدم هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه؟ قال بلى يا جبريل قال: قم في مقامك الذي تناجي فيه ربّك فمجده وامدح، فليس شيء أحب إلى الله من المدح قال: فأقول ماذا يا جبريل؟ قال: فقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير. ثم تبوء بخطيئتك فتقول: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت. رب إني ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. اللهم إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي. قال: ففعل آدم فقال الله: يا آدم من علمك هذا؟ فقال: يا رب إنك لما نفخت فيّ الروح فقمت بشراً سوياً أسمع وأبصر وأعقل وأنظر رأيت على ساق عرشك مكتوباً «بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله» فلما لم أر على أثر اسمك اسم ملك مقرب، ولا نبي مرسل غير اسمه علمت أنه أكرم خلقك عليك. قال: صدقت. وقد تبت عليك وغفرت لك خطيئتك قال: فحمد آدم ربه وشكره وانصرف بأعظم سرور، لم ينصرف به عبد من عند ربه. وكان لباس آدم النور قال الله: {ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما} ثياب النور قال: فجاءته الملائكة أفواجاً تهنئه يقولون: لتهنك توبة الله يا أبا محمد.
وأخرج أحمد في الزهد عن قتادة قال: اليوم الذي تاب الله فيه على آدم يوم عاشوراء.
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس بسندٍ واهٍ عن علي قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه} فقال: إن الله أهبط آدم بالهند، وحوّاء بجدة، وإبليس ببيسان، والحية بأصبهان. وكان للحية قوائم كقوائم البعير، ومكث آدم بالهند مائة سنة باكياً على خطيئته حتى بعث الله إليه جبريل وقال: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ ألم أنفخ فيك من روحي؟ ألم أسجد لك ملائكتي؟ ألم أزوّجك حواء أمتي؟ قال: بلى. قال: فما هذا البكاء؟ قال: وما يمنعني من البكاء وقد أخرجت من جوار الرحمن! قال: فعليك بهؤلاء الكلمات. فإن الله قابل توبتك، وغافر ذنبك. قل: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم. اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءاً وظلمت نفسي فتب عليّ إنك أنت التوّاب الرحيم. فهولاء الكلمات التي تلقى آدم».
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال: سأل بحق محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، إلا تبت علي فتاب عليه».
وأخرج الخطيب في أماليه وابن عساكر بسند فيه مجاهيل عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن آدم لما أكل من الشجرة أوحى الله إليه: اهبط من جواري. وعزتي لا يجاورني من عصاني. فهبط إلى الأرض مسوداً، فبكت الأرض وضجت. فأوحى الله: يا آدم صم لي اليوم يوم ثلاثة عشر. فصامه فأصبح ثلثه أبيض، ثم أوحى الله إليه: صم لي هذا اليوم يوم أربعة عشر. فصامه فأصبح ثلثاه أبيض، ثم أوحى الله إليه صم لي هذا اليوم يوم خمسة عشر. فصامه فأصبح كله أبيض. فسميت أيام البيض».
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال: لما أهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض قال له: يا آدم أربع احفظهن: واحدة لي عندك، وأخرى لك عندي، وأخرى بيني وبينك، وأخرى بينك وبين الناس. فأما التي لي عندك فتعبدني لا تشرك بي شيئاً، وأما التي لك عندي فأوفيك عملك لا أظلمك شيئاً، وأما التي بيني وبينك فتدعوني فاستجيب لك، وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس أن تأتي إليهم بما ترضى أن يؤتوا إليك بمثله.
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمان قال: لما خلق الله آدم قال: يا آدم واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك. فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئاً، وأما التي لك فما عملت من شيء جزيتك به وأن أغفر فأنا غفور رحيم، وأما التي بيني وبينك فمنك المسألة والدعاء وعلي الاجابة والعطاء.
وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن سلمان رفعه.
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن أنس قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أهبط الله آدم إلى الأرض مكث فيها ما شاء الله أن يمكث، ثم قال له بنوه: يا أبانا تكلم. فقام خطيباً في أربعين ألفاً من ولده وولد ولده فقال: إن الله أمرني فقال: يا آدم أقلل كلامك ترجع إلى جواري».
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض أكثر ذريته فنمت، فاجتمع إليه ذات يوم ولده وولد ولده، فجعلوا يتحدثون حوله وآدم ساكت لا يتكلم فقالوا: يا أبانا ما لنا نحن نتكلم وأنت ساكت لا تتكلم؟! فقال: يا بني إن الله لما أهبطني من جواره إلى الأرض عهد إلي فقال: يا آدم أقل الكلام حتى ترجع إلى جواري.
وأخرج ابن عساكر عن فضالة بن عبيد قال: إن آدم كبر حتى تلعب به بنو بنيه فقيل له: ألا تنهى بني بينك أن يلعبوا بك قال: إني رأيت ما لم يروا، وسمعت ما لم يسمعوا، وكنت في الجنة وسمعت الكلام، وإن ربي وعدني إن أنا أسكت فمي أن يدخلني الجنة.
وأخرج ابن الصلاح في أماليه عن محمد بن النضر قال: قال آدم: يا رب شغلتني بكسب يدي فعلمني شيئاً فيه مجامع الحمد والتسبيح. فأوحى الله إليه: يا آدم إذا أصبحت فقل ثلاثاً، وإذا أمسيت فقل ثلاثاً. الحمد لله رب العالمين، حمداً يوافي نعمه، ويكافئ مزيده فذلك مجامع الحمد والتسبيح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة قال: كان آدم عليه السلام يشرب من السحاب.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن كعب قال: أوّل من ضرب الدينار والدرهم آدم عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن يحيى قال: أوّل من ضرب الدينار والدرهم آدم، ولا تصلح المعيشة إلا بهما.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: أوّل من مات آدم عليه السلام.
وأخرج ابن سعد والحاكم وابن مردويه عن أبي كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما حضر آدم قال لبنيه: أنطلقوا فاجنوا لي من ثمار الجنة، فخرجوا فاستقبلتهم الملائكة فقالوا: أين تريدون؟ قالوا: بعثنا أبونا لنجني له من ثمار الجنة فقالوا: ارجعوا فقد كفيتم. فرجعوا معهم حتى دخلوا على آدم، فلما رأتهم حواء ذعرت منهم وجعلت تدنو إلى آدم وتلصق به فقال: إليك عني، فمن قبلك أتيت. خلّي بيني وبين ملائكة ربي قال: فقبضوا روحه، ثم غسلوه وحنطوه وكفنوه، ثم صلوا عليه، ثم حفروا له ودفنوه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم في موتاكم فكذلكم فافعلوا».
وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبيّ. موقوفاً.
وأخرج ابن عساكر عن أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن آدم لما حضرته الوفاة أرسل الله إليه بكفن وحنوط من الجنة، فلما رأت حواء الملائكة جزعت فقال: خليّ بيني وبين رسل ربي. فما لقيت إلا منك، ولا أصابني الذي أصابني إلا منك».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: كان لآدم بنون: ودّ، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر. فكان أكبرهم يغوث فقال له: يا بني انطلق.
فإن لقيت أحداً من الملائكة فأمره يجيئني بطعام من الجنة، وشراب من شرابها. فانطلق فلقي جبريل بالكعبة فسأله عن ذلك قال: ارجع فإن أباك يموت. فرجعنا فوجداه يجود بنفسه، فوليه جبريل فجاءه بكفن، وحنوط، وسدر، ثم قال: يا بني آدم أترون ما أصنع بأبيكم؟ فاصنعوه بموتاكم فغسلوه، وكفنوه، وحنطوه، ثم حملوه إلى الكعبة فكبر عليه أربعاً، ووضعوه مما يلي القبلة عند القبور، ودفنوه في مسجد الخيف.
وأخرج الدارقطني في سننه عن ابن عباس قال: صلى جبريل على آدم وكبر عليه أربعاً. صلى جبريل بالملائكة يومئذ في مسجد الخيف، وأخذ من قبل القبلة، ولحد له، وسنم قبره.
واخرج أبونعيم في الحلية عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة فصلى عليها وكبر أربعاً وقال: كبرت الملائكة على آدم أربع تكبيرات».
وأخرج ابن عساكر عن أبي «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألحد آدم، وغسل بالماء وتراً. فقالت الملائكة: هذه سنة ولد آدم من بعده».
وأخرج ابن عساكر عن عبدالله بن أبي فراس قال: قبر آدم في مغارة فيما بين بيت المقدس ومسجد إبراهيم، ورجلاه عند الصخرة، ورأسه عند مسجد إبراهيم. وبينهما ثمانية عشر ميلاً.
وأخرج ابن عساكر عن عطاء الخرساني قال: بكت الخلائق على آدم حين توفي سعبة أيام.
وأخرج ابن عدي في الكامل وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن جابر «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس أحد من أهل الجنة إلا يدعى باسمه إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد، وليس أحد من أهل الجنة إلا وهم جرد مرد إلا ما كان من موسى بن عمران فإن لحيته تبلغ سرته».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن علي قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة ليست لهم كنى إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد تعظيماً وتوقيراً».
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال: ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم عليه السلام له لحية سوداء إلى سرته: وذلك أنه لم يكن له في الدنيا لحية وإنما كانت اللحى بعد آدم، وليس أحد يكنى في الجنة غير آدم. يكنى فيها أبا محمد.
وأخرج أبو الشيخ عن بكر بن عبدالله المزني قال: ليس أحد في الجنة له كنية إلا آدم يكنى أبا محمد. أكرم الله بذلك محمداً صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن عساكر عن غالب بن عبدالله العقيلي قال: كنية آدم في الدنيا أبو البشر، وفي الجنة أبو محمد.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن خالد بن معدان قال: أهبط آدم بالهند، وإنه لما توفي حمله خمسون ومائة رجل من بنيه إلى بيت المقدس، وكان طوله ثلاثين ميلاً ودفنوه بها، وجعلوا رأسه عند الصخرة، ورجليه خارجاً من بيت المقدس ثلاثين ميلاً.
وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال: إن آدم لما طؤطئ منع كلام الملائكة وكان يستأنس بكلامهم بكى على الجنة مائة سنة فقال الله عز وجل له: يا آدم ما يحزنك؟ قال: كيف لا أحزن وقد اهبطتني من الجنة ولا أدري أعود إليها أم لا؟ فقال الله تعالى: يا آدم قل: اللهم لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك سبحانك وبحمدك. رب إني عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين. والثانية: اللهم لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك سبحانك وبحمدك. رب إني عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت أرحم الراحمين. والثالثه: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك لا شريك لك، رب عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت التوّاب الرحيم. فهي الكلمات التي أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التوّاب الرحيم} قال: وهي لولده من بعده وقال آدم لآبن له يقال له هبة الله. ويسميه أهل التوراة وأهل الإِنجيل شيث: تعبد لربك واسأله أيردني إلى الجنة أم لا؟ فتعبد لله وسأل. فأوحى الله إليه: إني راده إلى الجنة فقال: أي رب إني لست آمن أن أبي سيسألني العلامة، فألقى الله سواراً من أسورة الحور، فلما أتاه قال: ما وراءك؟ قال: ابشر. قال: أخبرني أنه رادك إلى الجنة. قال: فما سألته العلامة. فأخرج السوار فرآه فعرفه، فخر ساجداً فبكى حتى سال من عينيه نهر من دموع، وآثاره تعرف بالهند. وذكر أن كنز الذهب بالهند مما ينبت من ذلك السوار، ثم قال: استطعم لي ربك من ثمر الجنة. فلما خرج من عنده مات آدم، فجاءه جبريل فقال: إلى أين؟ قال: إن أبي أرسلني أن اطلب إلى ربي أن يطعمه من ثمر الجنة قال: فإن ربه قضى أن لا يأكل منها شيئاً حتى يعود إليها، وأنه قد مات فارجع فواره، فأخذه جبريل عليه السلام فغسله، وكفنه، وحنطه، وصلى عليه، ثم قال جبريل: هكذا فاصنعوا بموتاكم.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: قبر آدم عليه السلام بني في مسجد الخيف، وقبر حواء بجدة.
وأخرج ابن أبي حنفيه في تاريخه وابن عساكر عن الزهري والشعبي قالا: لما هبط آدم من الجنة وانتشر ولده أرخ بنوه من هبوط آدم فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحاً، فأرّخوا ببعث نوح حتى كان العرق، فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم، فأرّخ بنو اسحق من نار إبراهيم إلى بعث يوسف، ومن بعث يوسف إلى مبعث موسى، ومن مبعث موسى إلى ملك سليمان، ومن ملك سليمان إلى ملك عيسى، ومن مبعث عيسى إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم إلى بناء البيت حين بناه إبراهيم وإسمعيل.
فكان التاريخ من بناء البيت حتى تفرقت معد، فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا مخرجهم حتى مات كعب بن لؤي فأرّخوا من موته إلى الفيل، فكان التاريخ من الفيل حتى أرخ عمر بن الخطاب الهجرة. وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة.
وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن عمران قال: لم يزل للناس تاريخ كانوا يؤرخون في الدهر الأوّل من هبوط آدم من الجنة، فلم يزل ذلك حتى بعث الله نوحاً، فارخوا من دعاء نوح على قومه، ثم أرخوا من الطوفان، ثم أرخوا من نار إبراهيم، ثم أرخ بنو إسماعيل من بنيان الكعبة، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرخوا من عام الفيل، ثم أرخ المسلمون بعد من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى} قال: الهدى الأنبياء والرسل والبيان.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله: {فمن تبع هداي...} الآية. قال: ما زال لله في الأرض أولياء منذ هبط آدم، ما أخلى الله الأرض لابليس إلا وفيها أولياء له يعملون لله بطاعته.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي الطفيل قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {فمن تبع هَدْي} بتثقيل الياء وفتحها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {فلا خوف عليهم} يعني في الآخرة {ولا هم يحزنون} يعني لا يحزنون للموت.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الإِيمان عن قتادة قال: لما هبط إبليس قال: أي رب قد لعنته فما علمه؟ قال: السحر. قال: فما قراءته؟ قال: الشعر. قال: فما كتابه؟ قال: الوشم. قال: فما طعامه؟ قال: كل ميتة وما لم يذكر اسم الله عليه. قال: فما شرابه؟ قال: كل مسكر. قال: فأين مسكنه؟ قال: الحمام. قال: فأين مجلسه؟ قال: الأسواق. قال: فما صوته؟ قال: المزمار. قال: فما مصائده؟ قال: النساء.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال إبليس لربه تعالى: يا رب قد أهبط آدم، وقد علمت أنه سيكون كتاب ورسل، فما كتابهم ورسلهم؟ قال: رسلهم الملائكة والنبيون، وكتبهم التوراة والإِنجيل والزبور والفرقان. قال: فما كتابي؟ قال: كتابك الوشم، وقراءتك الشعر، ورسلك الكهنة، وطعامك ما لم يذكر اسم الله عليه، وشرابك كل مسكر، وصدقك الكذب، وبيتك الحمام، ومصائدك النساء، ومؤذنك المزمار، ومسجدك الأسواق».

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12